الأربعاء، 8 ديسمبر 2021

الإعلامية مها محفوض :لقبي المهني (صحفية) يسحرني ..

 

وثقت الساحل السوري ومحافظة طرطوس بمعظم تفاصيلها وتاريخها وحاضرها

الإعلامية مها محفوض :

-        العمل لدى إذاعة صوت الشباب أكسبتني التجربة والمتعة .

-         أشعر أن هذا المجال هو من اختارني

و لقبي المهني (صحفية) يسحرني ..

-        نعم معظم الصحفيون اليوم مهنتهم لا تطعمهم خبزاً !!

 


حاورها  : عمر شريقي

 

لم يكن دخول مها محفوض مجال الإعلام حلماً سهل التحقق، بل واجهت معوقات شخصية كثيرة في البداية، تجاوزتها بفضل من الله ومساعدة الأهل المحبين، تخرجت مها من كلية الإعلام جامعة دمشق، وبدأت مرحلة جديدة لم تكن سهلة على الإطلاق، ومع بداية الحرب على بلدنا الحبيب كانت تقيم في مدينة حمص، لذلك كان التفكير بالعمل يعتبر من سابع المستحيلات بالنسبة لها آنذاك، وقد فقدت العديد من الفرص التي ربما كانت ستشكل نقلةً نوعية بالنسبة لها في مجال الإعلام .

في العام 2014 بدأت تتوجه نحو الإعلام الإلكتروني من خلال العمل في بعض المواقع، لكن 2015 اعتبرته عام البدايات الحقيقية على عدّة أصعدة منها العمل الصحفي، فإلى جانب  المجلات والمواقع الإلكترونية التي عملت بها عملت لدى موقع مدونة وطن ولاحقاً في بوابته المعرفية، عملت في مجال الصحافة الإيجابية وهي تجربة جميلة وسط ما نعيشه من سلبيات، ثم تعرفت على أناس كثر، ووثقت الساحل السوري ومحافظة طرطوس بمعظم تفاصيلها وتاريخها وحاضرها، أجرت لقاءات مع أبرز الشخصيات الثقافية والفنية في طرطوس وغيرها من المحافظات، أيضاً كتبت ولا أزالت تكتب في المجال الثقافي والفكري، وهذا الجانب تعتبره ممتعا جداً في عملها بل وأكسبها قيمةً مضافة، كما أنها عملت لدى إذاعة صوت الشباب، وهي من التجارب الهامة والممتعة، ولو أن حلمها  في العمل الإذاعي كان يوماً ما كبيرا جداً، إلا أن ظروف الإقامة خارج العاصمة التي تتركز فيها معظم فرص العمل حال عائقاً بينها وبين تحقيق الكثير من طموحاتها .  

سألناها هل أنت مع التخصص الإعلامي ، أجابت : 

طبعاً أنا مع التخصص الأكاديمي بكل تأكيد، وأعتقد أن معظم خريجي الإعلام يمتلكون مقدرةً على إثبات أنفسهم في هذا المجال أكثر من غير المتخصصين الذين حكماً سيحتاجون إلى دورات وورشات تدريبية كثيرة لاكتساب أدوات ومهارات العمل الصحفي والإعلامي، لكن بالمقابل لا أنكر أبداً أن هناك صحفيون وإعلاميون تركوا بصمةً هائلةً وهم من غير الحاصلين على إجازة في الصحافة أو الإعلام، وهم أساتذتنا وأصحاب الفضل لما وصلنا إليه اليوم كصحفيين، وإلى ما وصل إليه واقع الإعلام السوري في يومنا هذا.

- لماذا اخترت ذلك المجال بالتحديد  ؟

بكل صراحة أشعر أن هذا المجال هو من اختارني، لم يكن طموحي يوماً أن أصبح طبيبة أو مهندسة أو مدرّسة، لكن حلمت بدراسة الصحافة وحلمت كثيراً بدخول هذا المجال بشكل عملي، لقبي المهني (صحفية) يسحرني.

– نلاحظ تزايد واضح في دخول الشباب والصبايا عالم الاعلام برأيك لماذا ؟

للأسف أصبحت مهنتنا اليوم عمل من لا عمل له، والمزعج أكثر أن شباب وشابات يصفون أنفسهم الإعلامي فلان والإعلامية فلانة، وحضرتك تعرف أستاذ عمر أن الوصول لهكذا لقب ليس بالأمر السهل، ويحتاج إلى سنوات طويلة من العمل واكتساب الخبرة والثقافة العلمية والمهنية والحياتية، وبعد بضع سنوات من العمل ومع أنني مجازة في الإعلام، إلا أنني لا أعرّف عن نفسي إلا بلقب (صحفية) وزملاء كثر مثلي، لكن ربما الاستسهال والواسطات أيضاً ومتطلبات الظهور على بعض الشاشات والإذاعات اختلفت عن قبل، فنشاهد ونسمع ونقرأ ما يدعو للأسف الحقيقي.

– يقال أن من يمتهن الاعلام اليوم لا يطعم خبزا  ،، ما هو ردك ؟

في الوضع الحالي، وهنا أتحدث عن واقعنا داخل سورية، وبعد معاناة عشر سنوات من الحرب، ليس فقط من يمتهن الإعلام بل أصبحت معظم المهن لا تطعم خبزاً، لكن معظم العاملين في المجال الصحفي يتقاضون مقابل الإنتاج فقط، وهذا أمر مؤسف، فأحياناً إنجاز مادة واحدة يتطلب وقتاً وجهداً وأجور تنقلات، وهذا ما لا يؤخذ في الاعتبار من قبل بعض الجهات الإعلامية، فيُظلم الصحفي من ناحية الأجر، نعم معظم الصحفيون اليوم مهنتهم لا تطعمهم خبزاً، لذلك نتجه للعمل في جهات عدة.

 

- ما هو تأثير مواقع التواصل الاجتماعي اليوم على المجال الصحافي ؟ 

هناك بعض الصفحات تساهم بنشر نتاجنا وموادنا الصحفية وتنقل بكل دقة وأمانة، لكن بالمقابل قسم كبير من صفحات الفيسبوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي يتصرفون بشكل مسيء للمهنة من ناحية طريقة التعاطي مع الأخبار و صياغتها دون التأكد من دقتها، وبعض أصحاب الصفحات يروجون إلى أنفسهم بأنهم إعلاميين، بل ويأخذون ما نقدمه من مواد صحفية وأخبار (نسخ لصق) دون الإشارة إلينا وهذا انتقاص من قيمة عملنا ومهنتنا، ولا بد أن يكون للجهات المعنية توجهاً معيناً لإنصافنا، ونأمل ذلك فعلاً

 

ما هو الشيئ المميز بك كصحفية عن باقي الصحفيات ؟

في الحقيقة وبكل أمانة لم أفكر يوماً بهذا الجانب، بل على العكس أحاول أن أراقب دائماً عمل الآخرين لأتعلم سواء من مهنيتهم أو من أخطائهم حتى لا أقع بها

– رسالة توجهينها للإعلاميات المبتدئات ؟

ربما لست بموقع ناصح فما زلت أتعلم ولن أتوقف عن التعلم، لكن من خبرتي المتواضعة جداً رسالتي ليست فقط للزميلات الصحفيات المبتدئات، إنما أيضاً للزملاء الصحفيين الشباب الجدد، عليكم بالصبر، والقراءة دون ملل وتعلم لغتنا العربية الأم، ولا تستسهلوا المهنة، ولا تقبلوا البداية من أي مكان، فبعض الأماكن لا تليق للبدايات، ولا تتنازلوا عن حقكم المادي فجهدكم لا يجب أن يكون (مجاني) وهذه وجهة نظري قد يعارضني عليها البعض، أيضاً التعلم من تجارب  (نجاحات وإخفاقات) الآخرين من أصحاب المهنية العالية.

– نعرف أن لك هوية التصوير ،، حدثينا عنها ؟

نعم أحب التصوير، وأحب توثيق لحظات الجمال، علماً أن عين الكاميرا لن تعكس ما تراه أعيننا من إبداع إلهي، إلا أنني أحاول قدر المستطاع أن أوثق هذه المشاهدات ومشاركتها مع الأصدقاء عبر صفحتي الشخصية، قد يراها الآخرون مجرد صورة، لكن هي بالنسبة لي عالم جمال وإبداع، أجمل تلك اللقطات هي الغروب دائماً يذكرني أن هناك بدايات جديدة بعد كل غياب.

– هل حاولت أن تشارك في معارض خاصة أو جماعية ؟

التصوير هو فن قائم بحد ذاته، ربما أمتلك الموهبة، لكن في الوقت الحالي اعتبرها هواية شخصية، الصور التقطها بعدسة هاتفي، لكن أتمنى يوماً أن أطورها وأتعلم أساسياتها، وأن أمتلك كاميرا وبرامج احترافية لأشارك بمعارض ومسابقات تتعلق بفن التصوير الفوتوغرافي.

 

– طموحك مها على الصعيد الشخصي والعملي ؟

أسعى دائماً لتطوير مهاراتي العلمية والعملية، وأطمح باستمرار أن أقدم كل ما هو متميز ويقدم إضافة لي، وأسعى أيضاً باستمرار للحصول على فرصتي المهنية التي استحقها، ولأن أكون على قدر كبير من تحمل مسؤولية هذا اللقب الرائع (صحفية)، ربما الوضع الحالي يجعل الخطوات بطيئةً، لكن آمل أن أجد نفسي يوماً في المكان الذي يليق بطموحي مهما تقدم بي العمر.

وشكرا لاهتمامك أستاذ عمر وللإضاءة على تجاربنا مهما كانت بسيطة.. ألف شكر مع تمنياتي بدوام العافية والتألق لحضرتك. 






 

 

 

 

 

بانياس وقلاعها ،، حضارة عمرها آلاف السنين

 

تضم واحداً من أهم الموانئ السورية

بانياس وقلاعها ،،  حضارة عمرها آلاف السنين



بانياس الساحل، المدينة المطلة على  البحر المتوسط، والمعروفة بجمال طبيعتها ووفرة خيراتها، إلى جانب تاريخها العريق الموغل في القدم، تبعد عن مدينة طرطوس حوالي 40 كيلومتراً، وتتوسط الطريق الواصل بين محافظتي اللاذقية وطرطوس، تضم واحداً من أهم الموانئ السورية، كما تضم سبع نواح هي: (بانياس والقدموس والروضة والعنازة وتالين والطواحين وحمام واصل)، وتتصل بالمحافظات الوسطى والداخلية عن طريق القدموس مصياف، يخترقها من جهتها الشمالية نهر السن والذي يعتبر حداً طبيعياً يفصلها عن مدين جبلة وريفها.

لطالما اشتهرت هذه المدينة الساحلية ذات المناخ اللطيف بتضاريسها التي تميزها عن باقي مدن الشريط الساحلي،  وبغناها الطبيعي وثروتها الحراجية وكثرة غاباتها ذات الأشجار المتنوعة، وهي محاطة بجبال تكسوها أشجار الزيتون الذي يشكل أهم المحاصيل الزراعية لسكانها.



وإلى جانب هذا الغنى الطبيعي تمتلئ المدينة وريفها بالأوابد الأثرية التي تعتبر شاهداً على قدمها، وعلى تتالي الحضارات التي سكنتها، ومنها أطلال المدينة القديمة التي لم يبق منها إلا أعمدة من الغرانيت، وبعض طواحين المياه العائدة إلى العهد الروماني، وحمامات عامة بالقرب من نهر بانياس، وجميعها تعود إلى العهد ذاته، بالإضافة إلى بعض القطع الأثرية من الفترات الإسلامية والصليبية.

وما إن نذكر اسم بانياس حتى تتراءى أمام مخيلتنا قلعتها الشهيرة المَرقَب، والتي تبعد عنها حوالي 6 كيلومترات، وقد بنيت على قمة جبلية ترتفع 500 متراً عن سطح البحر، كان قد ذكرها أبو الفداء في كتابه تقويم البلدان بقوله: (هي قلعة حصينة حسنة البناء، مشرفة على البحر، كانت تتبع حمص)، بينما ذكرها ياقوت الحموي بالقول: (المرقب بفتح الميم، وهي الموضع الذي يرقب منه)، والمَرقب تسميتها العربية، وقيل عنها في اليونانية ماركابوس.

تاريخياً يعتقد أنها قلعة رومانية، قام العرب بإعادة بنائها أيام الخليفة معاوية بن أبي سفيان، حتى زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد، وفي عام 1104م تمكن القائد البيزنطي جون كانتا كوزيتوس الذي سيطر على اللاذقية من حكمها فترةً قصيرة، لكنها ما لبثت حتى عادت إلى الحكم العربي تحت لواء بني محرز.



بين العامين 1116 و1118م استطاع أمير أنطاكية روجر احتلال القلعة من المحارزة، وبقيت تابعة لإمارة أنطاكية حتى عام 1189م، حيث حصلت على حكم مستقل تام تابع لأسرة مانيسوير الإقطاعية، وهي عائلة ترجع أصولها إلى وسط فرنسا. وفي ظل حكمها عرفت المرقب بـ مارغت و مارغانت، وقد انصرفت العائلة إلى الاهتمام بمظاهر البناء الباذخ، وصرفت أموالا طائلة لتحسينها، لكن بين العامين 1170 و1186م حدثت زلازل دمرت أجزاء كبيرة، لم تستطع العائلة المالكة ترميمها، لذلك باعتها لفرسان الإسبتارية مقابل مبلغ 2000 قطعة ذهبية سنوياً، وكان آخر ملوك هذه الأسرة برتران المرقبي، حينئذ قام فرسان الاستبارية بإعادة تحصينها وبناء برج متقدم يطل على البحر، وظيفته حماية المرفأ، حيث كان البحر يعد الشريان الوحيد للاتصال مع العالم الأوروبي، فضلا عن كون البرج يعتبر بمثابة منارة للسفن من خلال إرسال إشارات ضوئية لها، كذلك أدى هذا البرج وظائف جمركية، وهو يدعى اليوم ببرج الصبي، ويعتبر وجهة سياحية هامة.

لقد كانت سعة القلعة تقدر بمئة شخص، عدا الحامية المدافعة عنها، ومؤونتها تكفي لخمس سنوات، فضلاً عن كثرة مخازنها واصطبلاتها ومستودعاتها وثكناتها، كذلك قامت الاستبارية بتحويل كنيسة القلعة إلى كاتدرائية عام 1188م ومن أجمل أيقوناتها العشاء السري والتي ما تزال حتى يومنا هذا، وقد تتالت عمليات احتلالها واسترجاعها حتى استردت نهائياً على يد السلطان المملوكي قلاوون 1281م, كل هذا جعل منها دار عبادة وحرب في آن واحد.

وحاليا تتميز المرقب بمناظر خلابة باتجاه الجبال والوديان من مختلف جهاتها، وبإطلالتها الساحرة على البحر  الممتدة من طرطوس جنوباً حتى الكورنيش الجنوبي لمدينة اللاذقية شمالا، وبإشرافها على الطريق الدولي طرطوس-اللاذقية، وقد اعتبرها الباحثون إحدى أهم القلاع في العالم، وصنفت بحسب اليونيسكو قلعة تاريخية مهمة لاحتوائها على تراث إنساني عظيم، وسجلت على اللائحة التوجيهية لها.

هذا وتشرف قلعة المرقب على قلاع أخرى احتضنتها جبال بانياس منها قلعة القوز (أوزو)، والتي يرجح أنها تعود إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وقد بنيت على تلة تنحدر من الشرق إلى الغرب، أما حدودها الشرقية فهي شديدة الانحدار باتجاه وادي نهر بانياس، الأمر الذي ساهم بزيادة تحصيناتها من تلك الجهة، وأسوارها بنيت بأحجار ضخمة يبلغ وزن الواحد منها عدة أطنان، بنظام كنعاني قديم، ويذكر المؤرخون أن بناء أسوار قلعة القوز شبيه ببناء سور القسطنطينية، لكن القلعة اليوم تواجه مشكلة بناء منازل حي القوز فوق آثارها، ما أدى إلى صعوبة القيام بأي أعمال تنقيب تكشف المزيد من أسرار هذا الموقع العظيم.

ومن قلاع بانياس التي وصفت أيضاً بعظمتها وتفردها قلعة العُليقة آخذة تسميتها من الجبل الذي بنيت عليه، وقد قام بناؤها بأكمله على صخرة واحدة ضخمة تأخذ شكلا بيضويا، لها إطلالة ساحرة من مختلف جهاتها تجمع بين الجبال والوديان وصولا إلى البحر، كما يقع في الجهة الجنوبية منها وادي جهنم، وهي من القلاع العائدة إلى العصر الروماني، وقد عثر فيها على بعض الآثار من تلك الفترة.

يحتوي سوراها الداخلي والخارجي على الكثير من الأبراج الدفاعية، والتي ساهمت بتقويتها، إلى جانب ارتفاع السور الخارجي عن الوديان المحيطة به من كل الجهات، ما أعطاها شكلا ميزها عن الكثير من قلاع سورية وربما قلاع المنطقة العربية، أيضاً من المعالم التي تحتويها الحمام الواقع في جهتها الغربية بين السورين، كما تحتوي على جدار لقصر مهدم، تميزه نوافذه الضيقة من الخارج والواسعة من الداخل، ما يدل على أنها كانت تستخدم لأسباب دفاعية أثناء الحروب، وهناك أيضاً داخل السور بعض المنازل القديمة التي تهدمت ولم يتبق منها إلا الأساس الحجري.

يذكر أنه في العصر الإسلامي تمت إعادة ترميم قلعة العُليقة وبناء مسجد داخل أسوارها إلا أنه تهدم مع مرور الزمن ولم يتبق منه إلا بعض الحجارة، وهي حالياً تعتبر من القلاع الإسلامية الفريدة في سلسلة الجبال الساحلية.