22 عام على رحيل فاطمة حداد ..
شاعرة الإبداع ، والبوح المشرق
22 عاما على رحيل
#الشاعرة #فاطمة_حداد ( أم هشام )
#شاعرة الفطرة والإبداع ، والبوح المشرق ، وليس من السهل الكتابة عنها ، وبالمقابل ليس من الصعوبة الحديث عنها ، فقد كنت متأنيا إلى حد ما في الكتابة عنها رغم أن الكثيرين من الأدباء والكتاب والباحثين سبقوني في هذا المجال ، ولكن يبقى كل ما كتبه هؤلاء مجرد دراسات عن جانب أو جوانب معينة محدودة من شعرها .
وكنت بين الحين والآخر أزور الشاعرة مرة أو مرتين في الأسبوع حيث أكتشف في دوحتها الشعرية ما يعد جديدا بالنسبة لي سواء في مكتبتها العامرة أو بين أوراقها الخاصة التي كانت تحرص للاحتفاظ بها .
وتجاه نشاط هذه الشاعرة العظيمة الذي أشير إليه في حينه والذي من المتعذر أن يسرد بكلمات أو من خلال أسطر فلقد رأيت أنه إنصافا للحقيقة والشعر أمام التاريخ رأيت من المناسب أن أقول فيها كلمة حق ترضي قبل كل شيء ضميري وتنال الاستحسان والقبول لدى الآخرين ، وعلى هذا الأساس فقد رأيت بعد دراسة مستفيضة أن أبدأ بكتابة متواضعة عن الشاعرة الكبيرة السيدة فاطمة حداد ( رحمها الله ) .
ولدت فاطمة بنت عبد الحميد حداد في
#مدينة #اللاذقية عام 1921 في بيئة اجتماعية محافظة ، ومن أبوين كريمين وأسرة عريقة في العلم والأدب ، وكان جدها محمد صالح الصوفي شاعرا وعالما فاضلا في
#علم #الفلك والرياضيات ، ووالدها عبد الحميد حداد كان صاحب ورئيس تحرير
#جريدة_اللاذقية ، مما دفعتها هذه السلالة الطيبة التي تمتد جذورها في تربة الشعر والأدب لتكون شاعرة دون أن تدري .
تدفق الشعر على لسانها فجأة وهي طالبة وكان ذلك عام 1935
نظمت الشعر عام 1950 وبدأت بالنشر بعد أعوام قليلة وساهمت في تأسيس رابطة الكتاب السوريين بدمشق ، ثم في
#اتحاد_الكتاب_العرب الذي أصبحت عضوة في فرعه باللاذقية عام 1977 .
منحت في 3 نيسان 1990 شهادة تقدير من المجمع العلمي العربي في مدينة
#اكسفورد #بريطانيا ، كما وجهت إليها دعوة من القائمين على تأسيسه تضمنت ترشيحها لعضوية مجلس الأمناء ، وقد نشر هذا النبأ في عدد كبير من الصحف العربية والمحلية .
وكانت شاعرتنا غزيرة الإنتاج ومن خلال إحصائية كنت قد أجريتها حول شعرها تبين لي أن حصاد شاعرتنا مائتي قصيدة موزعة على أربعة دواوين شعرية مطبوعة .
وقليلون جدا من يعرفون أن لشاعرتنا جولات موفقة متنوعة في ميدان النثر ، وعند هذه النقطة بالذات يجدر بي التوقف قليلا لأقول : ما بين أوراق شاعرتنا من مقالات وخواطر مبعثرة موزعة لو جمعت لخرجنا بأجمل المجموعات لأكتفي .
تلقت تعليمها الابتدائي عام 1927 في مدرسة الراهبات باللاذقية ، ولم تلبث طويلا بعد ذلك حتى تركت المدرسة لتنصرف إلى مسؤولية المنزل والزوج والأبناء حيث رزقت سبعة أبناء وبدأت تتلمس الحياة في خدمتهم ورعايتهم ، وكان يشدها الحنين بين الفينة والأخرى للشعر لكن المتسع الزمني كان ضيقا فانحسرت أمواجه عن شواطئ قرابة عشرين عاما ، وبعد أن اكتمل نضجهم وصلب عودهم واطمأنت إلى مستقبلهم الناصع وجدت نفسها ثانية تمخر عباب أمواج الشعر فكانت الزجلية الأولى أذكر منها :
مين بيسمع قصتنا
تحكيلو خلاصتنا
عشرين سنة تقريبا
عم اركض ما حصلنا
من يوم مجيت لعندو
مشتهية امشي بحدو
بيوعدني اليوم وبكرا
ولسا منتظرة وعدو .
ثم كانت القصيدة العمودية الأولى بعنوان ( من تراني ) ومطلعها :
ما لنفسي لا تستجيب لنفسي
ولروحي لا تطمئن لروحي
أتراني نفسين حول صراع
وبذاتي روح تعاكس روحي
دمعة وابتسامة في عيوني
ونزاع في هدأتي وجموحي
ثورة حول مأربي وجدال
وعراك يهتز منه طموحي
يملأ الحب والحنين فؤادي
وجفائي منه استحال نزوحي
حرت في غايتي وحار صوابي
الشر ، أميل أم لمليح ؟
لي جناحان في الحضض جناح
وجناح يحوز ارقي الصروح
ما أراني في الكون غير غبار
ورماد يهيم في كل ريح
لملمتني العصور من كل جيل
من مليح وطيب وقبيح.
نظمت الشعر عام 1950 وبدأت بالنشر بعد أعوام قليلة وساهمت في تأسيس رابطة الكتاب السوريين بدمشق ، ثم في اتحاد الكتاب العرب الذي أصبحت عضوة في فرعه باللاذقية عام 1977 .
وقليلون جدا من يعرفون أن لشاعرتنا جولات موفقة متنوعة في ميدان النثر ، وعند هذه النقطة بالذات يجدر بي التوقف قليلا لأقول : ما بين أوراق شاعرتنا من مقالات وخواطر مبعثرة موزعة لو جمعت لخرجنا بأجمل المجموعات لأكتفي .
عاشت هذه الشاعرة في الظل وماتت في الظل بتاريخ 26 آذار عام 2000
من قصائد الشاعرة قصيدة بعنوان ( الهوى الغيب :
عشقتِ الروحَ يا روحي...
وألهبتِ الهوىالروحي
وأضرمت الجوى نارا بأوصالي
وإعصاراً بأحوالي
بتجوالي وترحالي
تجوزين المدى وجداً
وتضنين الهدى وعدا
وتجتاحين أغلالي وأقفالي...
ألا يا سِرُّ مني دري بما في روحنا يسري
وما من حولها يجري
يدور بنا، يتوّهنا..
يقربّنا
يباعدنا
سكارى في الهوى نسري...
حيارى في الصدى السحري؟
نسائلُ حيث لا ندري ونبحث حيث لا نجدُ؟
أعشقُ الروحِ منفصل ينحى ودونه الجسدُ؟
وعن مجراه يبتعدُ؟
إذن ما بال أعيننا
إذا ما صادفت شبها قريبا من حبيبِ الروحِ ترتعدُ؟
وبالأشواق تتّقدُ؟
وهل للروح أشباه؟؟!
ولم نفتأ بأوصاف الهوى الروحي
نكررُ ما حفظناهُ..
ونروي ما رويناهُ..
بتيه السر والبوح!..
ألا يا روح حيَّرتِ
وأدهشتِ
بدنيا الغيب أيقظت..
ترى من قبلنا كنتِ؟
ومن صلصالنا جئتِ؟
أنَحْنُ الغيب أمأنت؟
وأنت الحب يا أنتِ؟
وكيف الحب يأسرنا وليسَ لأسره شركٌ؟
ولا ملك؟
وما الحبُ؟
أغيبٌ ساقه الغيبُ؟
وشرعٌ جاءَ أمذنبُ؟
وعشق الروح للأرواح مثل الراح
غير مباحْ؟
وماذا في الهوى الغيبي
أنجوى القلب للقلب؟
ولا سلكيةٌ تُنبي؟
عن الإيلاف والحب؟
وما بالناسْ
وطبع الناسْ
وما جُبلتْ عليه الناس؟
بالتحنان والإحساس؟
وبالوجدان والإيناس؟
وكلٌ مغرم حساس...
وكل في الهوى مضرم!
بوهج نير مبهم!..
نُساقُ به ومن إشعاعه نُلهمْ..
دناةٌ منه ما ننأى غفاةٌ عنه ما نعلمْ!..
ففي أعبائه نشقى وفيأعباقه ننعم
نعيش بسحره فهما وما في سره نفهم
فسبحان الذي يعلمْ
بنا من حالنا أعلم
بأمر جلاله نحيا
له المحيا
له الرجعى
له ما شاء من جهدٍ ومن غيبِ
وحسبي ما أرى حسبي .